الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
قال: [والجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها] قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول به وليس فيه - بحمد الله - اختلاف, إلا أن بعض أهل البدع ممن لا تعد مخالفته خلافا وهم الرافضة والخوارج لم يحرموا ذلك, ولم يقولوا بالسنة الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي ما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها )) متفق عليه وفي رواية أبي داود (( لا تنكح المرأة على عمتها, ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها, لا تنكح الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى )) ولأن العلة في تحريم الجمع بين الأختين إيقاع العداوة بين الأقارب وإفضاؤه إلى قطيعة الرحم المحرم وهذا موجود فيما ذكرنا فإن احتجوا بعموم قوله سبحانه: ولا يحرم الجمع بين ابنتى العم, وابنتى الخال في قول عامة أهل العلم لعدم النص فيهما بالتحريم ودخولهما في عموم قوله تعالى قال: [وإذا عقد على المرأة, ولم يدخل بها فقد حرمت على ابنه وأبيه وحرمت عليه أمها, والجد وإن علا فيما قلت بمنزلة الأب وابن الابن فيه وإن سفل بمنزلة الابن] وجملة ذلك أن المرأة إذا عقد الرجل عقد النكاح عليها حرمت على أبيه بمجرد العقد عليها لقول الله تعالى: قال: [وكل من ذكرنا من المحرمات من النسب والرضاع, فبناتهن في التحريم كهن إلا بنات العمات والخالات وبنات من نكحهن الآباء والأبناء فإنهن محللات, وكذلك بنات الزوجة التي لم يدخل بها] وجملة ذلك أن كل محرمة تحرم ابنتها لتناول التحريم لها فالأمهات تحرم بناتهن لأنهن أخوات أو عمات أو خالات, والبنات تحرم بناتهن لأنهن بنات ويحرم بنات الأخوات وبناتهن لأنهن بنات الأخت وكذلك بنات بنات الأخ إلا بنات العمات والخالات فلا يحرمن بالإجماع لقول الله تعالى: قال: [ووطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة] يعني أنه يثبت به تحريم المصاهرة فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه, وحرمت عليه أمها وابنتها كما لو وطئها بشبهة أو حلالا ولو وطئ أم امرأته أو بنتها حرمت عليه امرأته نص أحمد على هذا في رواية جماعة وروى نحو ذلك عن عمران بن حصين وبه قال الحسن وعطاء, وطاوس ومجاهد والشعبي والنخعي, والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي وروى ابن عباس أن الوطء الحرام لا يحرم وبه قال سعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر, وعروة والزهري ومالك, والشافعي وأبو ثور وابن المنذر لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (( لا يحرم الحرام الحلال )) ولأنه وطء لا تصير به الموطوءة فراشا فلا يحرم كوطء الصغيرة ولنا قوله تعالى: فحمل في عموم الآية, وفي الآية قرينة تصرفه إلى الوطء وهو قوله سبحانه وتعالى: قال: (( ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها )) فذكرته لسعيد بن المسيب فأعجبه ولأن ما تعلق من التحريم بالوطء المباح تعلق بالمحظور كوطء الحائض ولأن النكاح عقد يفسده الوطء بالشبهة فأفسده الوطء الحرام كالإحرام, وحديثهم لا نعرف صحته وإنما هو من كلام ابن أشوع وبعض قضاة العراق كذلك قال الإمام أحمد وقيل: إنه من قول ابن عباس ووطء الصغيرة ممنوع ثم يبطل بوطء الشبهة.
فصل: والوطء على ثلاثة أضرب: ولا فرق فيما ذكرنا بين الزنى في القبل والدبر لأنه يتعلق به التحريم فيما إذا وجد في الزوجة والأمة, فكذلك في الزنى فإن تلوط بغلام فقال بعض أصحابنا: يتعلق به التحريم أيضا فيحرم على اللائط أم الغلام وابنته, وعلى الغلام أم اللائط وابنته قال: ونص عليه أحمد وهو قول الأوزاعي لأنه وطء في الفرج فنشر الحرمة كوطء المرأة, ولأنها بنت من وطئه وأمه فحرمتا عليه كما لو كانت الموطوءة أنثى وقال أبو الخطاب: يكون ذلك كالمباشرة دون الفرج, يكون فيه روايتان والصحيح أن هذا لا ينشر الحرمة فإن هؤلاء غير منصوص عليهن في التحريم فيدخلن في عموم قوله تعالى ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنى وأخته, وبنت ابنه وبنت بنته وبنت أخيه, وأخته من الزنى وهو قول عامة الفقهاء وقال مالك والشافعي في المشهور من مذهبه: يجوز ذلك كله لأنها أجنبية منه ولا تنسب إليه شرعا ولا يجرى التوارث بينهما, ولا تعتق عليه إذا ملكها ولا تلزمه نفقتها فلم تحرم عليه, كسائر الأجانب ولنا قول الله تعالى: ووطء الميتة يحتمل وجهين: فأما المباشرة فيما دون الفرج, فإن كانت لغير شهوة لم تنشر الحرمة بغير خلاف نعلمه وإن كانت لشهوة وكانت في أجنبية, لم تنشر الحرمة أيضا قال الجوزجاني: سألت أحمد عن رجل نظر إلى أم امرأته في شهوة أو قبلها أو باشرها فقال: أنا أقول لا يحرمه شيء من ذلك إلا الجماع وكذلك نقل أحمد بن القاسم, وإسحاق بن منصور وإن كانت المباشرة لامرأة محللة له كامرأته أو مملوكته, لم تحرم عليه ابنتها قال ابن عباس: لا يحرم الربيبة إلا جماع أمها وبه قال طاوس وعمرو بن دينار لأن الله تعالى قال ومن نظر إلى فرج امرأة بشهوة فهو كلمسها لشهوة, فيه أيضا روايتان إحداهما ينشر الحرمة في الموضع الذي ينشرها اللمس روي عن عمر وابن عمر, وعامر بن ربيعة وكان بدريا وعبد الله بن عمرو في من يشترى الخادم ثم يجردها أو يقبلها, لا يحل لابنه وطؤها وهو قول القاسم والحسن ومجاهد, ومكحول وحماد بن أبي سليمان وأبي حنيفة لما روى عبد الله بن مسعود, عن النبي أنه قال: (( من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها وبنتها وفي لفظ: لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها )) والثانية, لا يتعلق به التحريم وهو قول الشافعي وأكثر أهل العلم لقوله تعالى فإن نظرت المرأة إلى فرج رجل لشهوة فحكمه في التحريم حكم نظره إليها نص عليه أحمد لأنه معنى يوجب التحريم, فاستوى فيه الرجل والمرأة كالجماع وكذلك ينبغي أن يكون حكم لمسها له وقبلتها إياه لشهوة لما ذكرنا. فأما الخلوة بالمرأة فالصحيح أنها لا تنشر حرمة وقد روي عن أحمد: إذا خلا بالمرأة, وجب الصداق والعدة ولا يحل له أن يتزوج أمها وابنتها قال القاضي: هذا محمول على أنه حصل مع الخلوة مباشرة فيخرج كلامه على إحدى الروايتين اللتين ذكرناهما, فأما مع خلوة من ذلك فلا يؤثر في تحريم الربيبة لما في ذلك من مخالفة قوله سبحانه قال: [وإن تزوج أختين من نسب أو رضاع في عقد واحد, فسد وإن تزوجهما في عقدين فالأولى زوجته والقول فيهما القول في المرأة وعمتها, والمرأة وخالتها] وجملة ذلك أن الجمع بين المرأة وأختها أو عمتها أو خالتها, محرم فمتى جمع بينهما فعقد عليهما معا لم يصح العقد في واحدة منهما لأنه لا يمكن تصحيحه فيهما, ولا مزية لإحداهما على الأخرى فيبطل فيهما كما لو زوجت المرأة لرجلين وهكذا لو تزوج خمسا في عقد واحد, بطل في الجميع لذلك وإن تزوجهما في عقدين فنكاح الأولى صحيح لأنه لا جمع فيه ونكاح الثانية باطل لأن الجمع يحصل به, فبالعقد على الأولى تحرم الثانية ولا يصح عقده عليها حتى تبين الأولى منه ويزول نكاحها وعدتها. فإن تزوجهما في عقدين, ولم يدر أولاهما فعليه فرقتهما معا قال أحمد في رجل تزوج أختين, لا يدرى أيتهما تزوج أولا: نفرق بينه وبينهما وذلك لأن إحداهما محرمة عليه ونكاحها باطل ولا نعرف المحللة له, فقد اشتبهتا عليه ونكاح إحداهما صحيح ولا تتيقن بينونتها منه إلا بطلاقهما جميعا, أو فسخ نكاحهما فوجب ذلك كما لو زوج الوليان, ولم يعرف الأول منهما وإن أحب أن يفارق إحداهما ثم يجدد عقد الأخرى ويمسكها فلا بأس, وسواء فعل ذلك بقرعة أو بغير قرعة ولا يخلو من ثلاثة أقسام أحدها أن لا يكون دخل بواحدة منهما, فله أن يعقد على إحداهما في الحال بعد فراق الأخرى الثاني إذا دخل بإحداهما فإن أراد نكاحها, فارق التي لم يصبها بطلقة ثم ترك المصابة حتى تنقضي عدتها ثم نكحها لأننا لا نأمن أن تكون هي الثانية, فيكون قد أصابها في نكاح فاسد فلهذا اعتبرنا انقضاء عدتها ويحتمل أن يجوز له العقد عليها في الحال لأن النسب لاحق به, ولا يصان ذلك عن مائه وإن أحب نكاح الأخرى فارق المصابة بطلقة ثم انتظرها حتى تنقضي عدتها, ثم تزوج أختها القسم الثالث إذا دخل بهما فليس له نكاح واحدة منهما حتى يفارق الأخرى, وتنقضي عدتها من حين فرقتها وتنقضي عدة الأخرى من حين أصابها وإن ولدت منه إحداهما أو هما جميعا, فالنسب لاحق به لأنه إما من نكاح صحيح أو نكاح فاسد وكلاهما يلحق النسب فيه وإن لم يرد نكاح واحدة منهما فارقهما بطلقة طلقة. فأما المهر, فإن لم يدخل بواحدة منهما فلإحداهما نصف المهر ولا نعلم من يستحقه منهما, فيصطلحان عليه فإن لم يفعلا أقرع بينهما, فكان لمن خرجت قرعتها مع يمينها وقال أبو بكر: اختيارى أن يسقط المهر إذا كان مجبرا على الطلاق قبل الدخول وإن دخل بواحدة منهما أقرع بينهما فإن وقعت لغير المصابة فلها نصف المهر, وللمصابة مهر المثل بما استحل من فرجها وإن وقعت على المصابة فلا شيء للأخرى, وللمصابة المسمى جميعه وإن أصابهما معا فلإحداهما المسمى وللأخرى مهر المثل, يقرع بينهما فيه إن قلنا: إن الواجب في النكاح الفاسد مهر المثل وإن قلنا بوجوب المسمى فيه وجب ها هنا لكل واحدة منهما. قال أحمد: إذا تزوج امرأة ثم تزوج أختها, ودخل بها اعتزل زوجته حتى تنقضي عدة الثانية إنما كان كذلك لأنه لو أراد العقد على أختها في الحال لم يجز له حتى تنقضي عدة الموطوءة, كذلك لا يجوز الوطء لامرأته حتى تنقضي عدة أختها التي أصابها. قال: [وإن تزوج أخته من الرضاع وأجنبية في عقد واحد ثبت نكاح الأجنبية] وجملة ذلك أنه إذا عقد النكاح على أخته وأجنبية معا, بأن يكون لرجل أخت وابنة عم إحداهما رضيعة المتزوج فيقول له: زوجتكها معا فيقبل ذلك فالمنصوص هنا صحة نكاح الأجنبية ونص في من تزوج حرة وأمة, على أنه يثبت نكاح الحرة ويفارق الأمة وقيل: فيه روايتان إحداهما يفسد فيهما, وهو أحد قولي الشافعي واختيار أبي بكر لأنها لفظة واحدة جمعت حلالا وحراما, فلم يصح كما لو جمع بين أختين والثانية يصح في الحرة وهي أظهر الروايتين وهذا قول مالك, والثوري وأصحاب الرأي لأنها محل قابل للنكاح أضيف إليها عقد صادر من أهله, لم يجتمع معها فيه مثلها فصح كما لو انفردت به, وفارق العقد على الأختين لأنه لا مزية لإحداهما على الأخرى وهاهنا قد تعينت التي بطل النكاح فيها فعلى هذا القول يكون لها من المسمى بقسط مهر مثلها منه وفيه وجه آخر, أن لها نصف المسمى وأصل هذين الوجهين إذا تزوج امرأتين يجوز له نكاحهما بمهر واحد, هل يكون بينهما على قدر صداقهما أو نصفين؟ على وجهين يأتى ذكرهما -إن شاء الله تعالى-. ولو تزوج يهودية ومجوسية, أو محللة ومحرمة في عقد واحد فسد في المجوسية والمحرمة, وفي الأخرى وجهان وإن نكح أربع حرائر وأمة فسد في الأمة وفي الحرائر وجهان وإن نكح العبد حرتين وأمة, بطل نكاح الجميع وإن تزوج امرأة وابنتها فسد فيهما لأن الجمع بينهما محرم فلم يصح فيهما, كالأختين.
مسألة: قال: [وإذا اشترى أختين فأصاب إحداهما لم يصب الأخرى حتى تحرم الأولى ببيع أو نكاح أو هبة, وما أشبهه ويعلم أنها ليست بحامل فإن عادت إلى ملكه, لم يصب واحدة منهما حتى تحرم عليه الأولى] الكلام في هذه المسألة في فصول ستة:
الفصل الأول: أنه يجوز الجمع بين الأختين في الملك بغير خلاف بين أهل العلم وكذلك بينها وبين عمتها وخالتها ولو اشترى جارية فوطئها, حل له شراء أختها وعمتها وخالتها لأن الملك يقصد به التمول دون الاستمتاع وكذلك حل له شراء المجوسية والوثنية, والمعتدة والمزوجة والمحرمات عليه بالرضاع وبالمصاهرة.
الفصل الثاني: أنه لا يجوز الجمع بين الأختين من إمائه في الوطء نص عليه أحمد, في رواية الجماعة وكرهه عمر وعثمان وعلي, وعمار وابن عمر وابن مسعود وممن قال بتحريمه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة, وجابر بن زيد وطاوس ومالك, والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وروي عن ابن عباس, أنه قال: أحلتهما آية وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله ويروى ذلك عن على أيضا يريد بالمحرمة قوله تعالى: الفصل الثالث: أنه إذا كان في ملكه أختان, فله وطء إحداهما في قول أكثر أهل العلم وقال الحكم وحماد: لا يقرب واحدة منهما وروى ذلك عن النخعي وذكره أبو الخطاب مذهبا لأحمد ولنا, أنه ليس يجمع بينهما في الفراش فلم يحرم كما لو كان في ملكه إحداهما فقط.
الفصل الرابع: أنه إذا وطئ إحداهما, فليس له وطء الأخرى قبل تحريم الموطوءة على نفسه بإخراج عن ملكه أو تزويج هذا قول على وابن عمر, والحسن والأوزاعي وإسحاق, والشافعي فإن رهنها لم تحل له أختها لأن منعه من وطئها لحق المرتهن لا لتحريمها ولهذا يحل له بإذن المرتهن في وطئها, ولأنه يقدر على فكها متى شاء واسترجاعها إليه وقال قتادة: إن استبرأها حلت له أختها لأنه قد زال فراشه ولهذا لو أتت بولد, فنفاه بدعوى الاستبراء انتفى فأشبه ما لو زوجها ولنا قول علي, وابن عمر ولأنه لم يزل ملكه عنها ولا حلها له, فأشبه ما لو وطئت بشبهة فاستبرأها من ذلك الوطء ولأن ذلك لا يمنعه وطأها فلا يأمن عوده إليها, فيكون ذلك ذريعة إلى الجمع بينهما وإن حرم إحداهما على نفسه لم تبح الأخرى لأن هذا لا يحرمها إنما هو يمين يكفر, ولو كان يحرمها إلا أنه لعارض متى شاء أزاله بالكفارة فهو كالحيض والنفاس والإحرام والصيام وإن كاتب إحداهما, فظاهر كلام الخرقي أنه لا تحل له الأخرى وقال أصحاب الشافعي: تحل له الأخرى وقال أصحاب الشافعي: تحل له الأخرى لأنها حرمت عليه بسبب لا يقدر على رفعه فأشبه التزويج ولنا أنه بسبيل من استباحتها بما لا يقف على غيرهما, فلم تبح له أختها كالمرهونة.
الفصل الخامس: أنه إذا أخرجها من ملكه لم تحل له أختها, حتى يستبرئ المخرجة ويعلم براءتها من الحمل ومتى كانت حاملا منه لم تحل له أختها حتى تضع حملها لأنه يكون جامعا ماءه في رحم أختين, بمنزلة نكاح الأخت في عدة أختها. فإن وطئ أمتيه الأختين معا فوطء الثانية محرم ولا حد فيه, لأن وطأه في ملكه ولأنها مختلف في حكمها وله سبيل إلى استباحتها بخلاف أخته من الرضاع المملوكة له ولا يحل له وطء إحداهما حتى يحرم الأخرى ويستبرئها وقال القاضي, وأصحاب الشافعي: الأولى باقية على الحل لأن الوطء الحرام لا يحرم الحلال إلا أن القاضي قال: لا يطؤها حتى يستبرئ الثانية ولنا أن الثانية قد صارت فراشا له يلحقه نسب ولدها فحرمت عليه أختها, كما لو وطئها ابتداء وقولهم: إن الحرام لا يحرم الحلال ليس بخبر صحيح وهو متروك بما لو وطئ الأولى في حيض أو نفاس أو إحرام حرمت عليه أختها, وتحرم عليه أمها وابنتها على التأبيد وكذلك لو وطئ امرأة بشبهة في هذه الحال ولو وطئ امرأة حرمت عليه ابنتها سواء وطئها حراما أو حلالا. أنه متى زال ملكه عن الموطوءة زوالا أحل له أختها, فوطئها ثم عادت الأولى إلى ملكه فليس له وطء إحداهما حتى تحرم الأخرى, بإخراج عن ملكه أو تزويج نص عليه أحمد وقال أصحاب الشافعي: لا يحرم عليه واحدة منهما لأن الأولى لم تبق فراشا فأشبه ما لو وطئ أمة ثم اشترى أختها ولنا أن هذه صارت فراشا, وقد رجعت إليه التي كانت فراشا فحرمت عليه كل واحدة منهما تكون أختها فراشا كما لو انفردت به فأما إن استفرش أمة ثم اشترى أختها, فإن المشتراة لم تكن فراشا له لكن هي محرمة عليه بافتراش أختها ولو أخرج الموطوءة عن ملكه ثم عادت إليه قبل وطء أختها, فهي حلال له وأختها محرمة عليه لأن أختها فراشه. وحكم المباشرة من الإماء فيما دون الفرج والنظر إلى الفرج بشهوة, فيما يرجع إلى تحريم الأخت كحكمه في تحريم الربيبة والصحيح أنه لا يحرم لأن الحل ثابت بقوله: فإن زوج الأمة الموطوءة أو أخرجها عن ملكه فله نكاح أختها وإن عادت الأمة إلى ملكه, فالزوجية بحالها وحلها باق لأن النكاح صحيح وهو أقوى, ولا تحل له الأمة وعنه أنه ينبغي أن تحرم إحداهما لأن أمته التي كانت فراشا قد عادت إليه والمنكوحة مستفرشة فأشبه أمتيه التي وطئ إحداهما بعد تزويج الأخرى, ثم طلق الزوج أختها وإن تزوج امرأة ثم اشترى أختها صح الشراء, ولم تحل له لأن النكاح كالوطء فأشبه ما لو وطئ أمته ثم اشترى أختها فإن وطئ أمته حرمتا عليه حتى يستبرئ الأمة ثم تحل له زوجته دون أمته لأن النكاح أقوى وأسبق, وإنما وجب الاستبراء لئلا يكون جامعا لمائه في رحم أختين ويحتمل أن يحرما عليه جميعا حتى تحرم إحداهما كالأمتين.
|